بنعبد الله لولاية رابعة …تكريس لشيخوخة الزعامات وتشجيع على نفور الشباب من السياسية

أعاد انتخاب نبيل بنعبد الله أمينا عاما لحزب التقدم والاشتراكية، للمرة الرابعة على التوالي، يوم أول أمس السبت خلال المؤتمر 11 للحزب ببوزنيقة، النقاش الى شيخوخة الزعامات وأزمة تجديد النخب، التي تعيق البناء الديمقراطي للأحزاب السياسية، وتقدم نموذجا غير صحيا للشباب المتطلع للانخراط في العمل الحزبي وفي الحياة السياسية عموما.
وفي هذا السياق، قال محمد شقير أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريح لجريدة “هبة بريس” الإلكترونية على أن إعادة انتخاب نبيل بنعبد الله أمينا عاما لحزب التقدم والاشتراكية للمرة الرابعة، تدخل في خانة “العقلية الحزبية السائدة” بمعنى خلود الزعيم في كرسي رئاسة الحزب، ويكشف أنه ربما الأحزاب اليسارية أكثر تشبثا بالكرسي من الأحزاب اليمينية، أو المحسوبة على اليمين، بدليل أنه قبل حزب التقدم والاشتراكية هناك نموذج حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتوالي إدريس لشكر على سدة الحزب لأكثر من ثلاث ولايات ونفس الأمر يسلكه بنعبد الله رغم كل الانتقادات التي وُجهت ورغم المعارضين لتجديد هذه الولاية ومع ذلك حسم الأمر في صالحه.
وأضاف شقير أن هذا كله يطرح مسألة تجديد النخب في الأحزاب التي لا ترتبط فقط بالقيادة ولكن حتى بالقاعدة، فكون الرئاسة لا يتم تجديدها ينعكس بطبيعة الحال على وتيرة إعادة تجديد النخب الحزبية داخل الأحزاب وبالتالي يشكل أهم العراقيل التي تؤدي الى شيخوخة النخب الحزبية وأيضا الى عدم تحمس الشباب للولوج للأحزاب لأنه عندما تُجدد الولاية لشخص اكثر من ثلاث ولايات فهذا بطبيعة الحال لن يغري الشباب الطامحين إلى ضمان مسار سياسي واضح مادام الأمين العام أو رئيس الحزب يجدد ولايته لأكثر من ولايتين .
وأشار المحلل السياسي إلى أن هذه المسألة طُرحت عندما قام التهامي الخياري بالانشقاق عن حزب التقدم والاشتراكية، بعد وفاة علي يعتة، في تسعينيات القرن الماضي، وقام بتأسيس حزب جهة القوى الديمقراطية، والذي حاول هو الآخر خلال مرحلة التأسيس أن يؤكد على تجديد الولاية في ولايتين ولكنه لم يفِ بذلك، وقام بتجديد ولايته إلى أن توفي وهو على كرسي جبهة القوى الديمقراطية.
وأوضح شقير أنه هذه عقلية لا ترتبط فقط بالأحزاب السياسية ولكن أيضا بالنقابات، وها نحن نرى متقاعدين لا يزالون على كرسي الزعامة في النقابات، فهذه عقلية حزبية سائدة داخل الاحزاب والتي تكرس خلود الرئيس كما كان عليه الأمر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، رغم أنه كان لتلك الفترة ظروف ومبررات، والآن مع غياب تلك الظروف لا زلنا نعيش نفس التجارب.
وبخصوص “غياب آلية الانتخاب خلال المؤتمر 11 لحزب الكتاب، وغياب منافس ولو شكلي لبنعبد الله في الترشح لكرسي الأمانة العامة”، قال شقير إنه بالنسبة لحزب الكتاب فيشتغل ب”المركزية الديمقراطية”، بمعنى أن انتخاب الرئيس لا يتم في إطار مؤتمرات عامة وأنما يأتي عبر تصويت أعضاء اللجنة المركزية للحزب وهو ما يحد من آليتي الانتخاب والديمقراطية، بالإضافة إلى هذا فالأمين العام للحزب الحالي عمل منذ مدة أن يبعد كل من سينافسونه على هذا المنصب من بينهم بسعيد السعدي، محمد كرين، نزهة الصقلي.
وختم شقير تصريحه للجريدة، مؤكداً أن بنعبد الله عمل على إبعاد كل من يشكك في منافستهم له، وترك المجال لنفسه، وعمل على إحاطة نفسه بالموالين له، والذين سيقومون بطبيعة الحالة بإعادة التصويت لصالحه وهذا هو الذي دفع في آخر المطاف إلى تجديد ولايته للمرة الرابعة، فطبيعة الحزب من خلال قوانينه التنظيمية، هي أيضا تساهم في هذا التكريس وفي تجديد ولاية بنعبد الله التي يمكن أن تصل إلى الولاية الخامسة أو السادسة مادام لم يتم تغيير الآلية الديمقراطية داخل الحزب التي تنبني على المركزية الديمقراطية، ناهيك عن الاشتراطات المحاصرة لعملية انتخاب الأمين العام.